
طاولة نقاش في النيل الأبيض تكشف أولويات المرحلة
عُقد بمدينة كوستي اجتماع مشترك ضم حكومة ولاية النيل الأبيض ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، وذلك لمناقشة أوضاع اللاجئين في الولاية والتحديات التي تواجه المجتمعات المستضيفة، في ظل التزايد المستمر لأعداد اللاجئين والنازحين جراء النزاعات الإقليمية والأزمة المستمرة في السودان.
وشارك في الاجتماع عدد من المسؤولين المحليين على رأسهم والي النيل الأبيض المكلف، إلى جانب ممثلين عن المفوضية الأممية وعدد من الشركاء الدوليين العاملين في المجال الإنساني. وناقش الاجتماع سبل تعزيز التعاون والتنسيق بين حكومة الولاية والمفوضية لضمان تحسين الخدمات المقدمة لكل من اللاجئين والمواطنين السودانيين في المجتمعات المضيفة على حد سواء.
وتُعد ولاية النيل الأبيض من أكبر الولايات المستضيفة للاجئين في السودان، حيث تستقبل عشرات الآلاف من اللاجئين من جنوب السودان ودول الجوار، إلى جانب عدد كبير من النازحين داخليًا بسبب تصاعد النزاعات المسلحة في مناطق متفرقة من البلاد. وقد أدى هذا الضغط الديمغرافي المتزايد إلى إرهاق البنية التحتية في عدد من المحليات، خاصة في مجالات التعليم والصحة والمياه.
وخلال الاجتماع، أكد والي النيل الأبيض المكلف التزام حكومته بدعم الجهود المشتركة لتحسين الأوضاع الإنسانية، مشيرًا إلى أهمية التكامل بين الدعم الدولي والمبادرات الحكومية لتعزيز قدرة المجتمعات المستضيفة على التكيّف مع التغيرات الحالية، دون أن يؤثر ذلك على الخدمات الأساسية للمواطنين.
من جهتها، أعربت مفوضية اللاجئين عن تقديرها لحكومة الولاية على ما تبذله من جهود في استضافة اللاجئين رغم التحديات الاقتصادية والأمنية المعقدة، مشيرة إلى أن التعاون مع السلطات المحلية يظل أساسًا لإنجاح البرامج الإنسانية وتحقيق الاستجابة الفعالة.
وأوصى المجتمعون خلال اللقاء بضرورة رفع كفاءة الخدمات في المعسكرات ومناطق الاستضافة، والعمل على تنفيذ برامج تنموية مشتركة تعود بالفائدة على اللاجئين والمجتمعات المضيفة معًا، بما في ذلك مشروعات في مجالات الصحة والتعليم والمياه والإصحاح البيئي. كما تم التأكيد على أهمية إشراك المجتمع المحلي في تخطيط وتنفيذ هذه البرامج لضمان استدامتها ونجاحها.
كما ناقش الاجتماع أبرز التحديات التي تواجه العمل الإنساني في الولاية، وعلى رأسها نقص التمويل المخصص للاستجابة الإنسانية، وصعوبة الوصول إلى بعض المناطق نتيجة للظروف اللوجستية والأمنية، إضافة إلى الحاجة الملحة لتوسيع نطاق الدعم الموجه للمؤسسات الحكومية العاملة في الميدان.
ويُنتظر أن يتمخض هذا الاجتماع عن خطة عمل مشتركة بين الجانبين، تتضمن أولويات المرحلة المقبلة، وآليات المتابعة والتقييم لضمان التنفيذ الفعلي للتوصيات، كما شددت الأطراف على ضرورة مواصلة الحوار والتنسيق لعقد اجتماعات دورية لتقييم الوضع وتحديث البرامج حسب المستجدات.
ويأتي هذا الاجتماع في وقت يشهد فيه السودان تصاعدًا في الاحتياجات الإنسانية، حيث تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 10 ملايين شخص نزحوا داخليًا منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023، بينما تستضيف البلاد أكثر من مليون لاجئ من دول الجوار، ما يزيد من تعقيد المشهد الإنساني ويستدعي استجابات عاجلة وفعالة.
وفي ظل هذه التحديات المتداخلة، يُشكل التنسيق بين الحكومات المحلية والجهات الأممية خطوة محورية نحو تحسين الاستجابة الإنسانية، ودعم المجتمعات التي تتحمّل أعباء النزوح، وتعزيز فرص التعايش والتنمية المستدامة في المناطق المتأثرة.