
رسائل البحر… قبطان يحذر من صمتٍ يسبق العاصفة
أثارت مقاطع مصوّرة نشرها قبطان مصري على منصات التواصل الاجتماعي ضجة كبيرة خلال الساعات الماضية، بعد أن زعم فيها أن “شيئًا غريبًا يحدث في البحر المتوسط”، محذرًا مما وصفه بـ”كارثة وشيكة” قد تضرب المنطقة في أي لحظة، وسط حالة من الغموض والقلق التي اجتاحت المتابعين، وتضارب التفسيرات بين الحقيقة والمبالغة.
القبطان، الذي يُعرّف نفسه باسم “كابتن محمد”، ظهر في عدة مقاطع وهو يتحدث من على متن سفينة تجارية تمرّ عبر مياه المتوسط، مشيرًا إلى أنه لاحظ “ظواهر غير معتادة” في البحر، من بينها تغيّرات غريبة في سلوك التيارات المائية، وهدوء مريب في حركة الأمواج، فضلاً عن إشارات غير مفهومة في أجهزة الملاحة والاستشعار على متن السفينة.
وقال الكابتن في أحد المقاطع: “أنا أبحر في البحر ده من 20 سنة، عمري ما شفت سكون زي كده. البحر بيتهيأ لكارثة… في حاجة بتحصل ومحدش واخد باله.” وأضاف أن بعض الأجهزة توقفت عن العمل مؤقتًا دون تفسير، وأن هذا الوضع تكرر أكثر من مرة خلال الأسبوع الماضي.
وتفاعل المتابعون مع هذه التصريحات بشكل واسع، حيث انقسمت الآراء بين من صدّق رواية القبطان واستشعر خطرًا حقيقيًا، ومن اعتبر الأمر مجرد مبالغة أو محاولة لجذب الانتباه. وتناقلت صفحات إخبارية وشخصيات مؤثرة المقاطع، ما زاد من حالة الجدل، بينما دعا البعض إلى ضرورة تدخل السلطات المختصة لبحث المزاعم والتحقق من الظواهر المذكورة.
في المقابل، لم تصدر حتى اللحظة أي جهة رسمية، سواء من هيئة الأرصاد المصرية أو منظمات الملاحة البحرية الدولية، بيانات تؤكد أو تنفي ما ورد في تلك المقاطع، ما زاد من الغموض حول طبيعة ما يحدث فعلاً في البحر المتوسط خلال الأيام الأخيرة.
ومن المعروف أن البحر الأبيض المتوسط يشهد بطبيعته تقلبات موسمية وبيئية، منها ما يتعلق بنشاط زلزالي محدود أو تغيّرات في درجات الحرارة والتيارات المائية، لكن حديث الكابتن عن “شيء غير طبيعي يحدث الآن”، أعاد إلى الأذهان مخاوف سابقة من كوارث محتملة مثل الزلازل البحرية أو الانبعاثات المائية المجهولة.
وبحسب خبراء في علوم البحار والمناخ، فإن الظواهر التي أشار إليها القبطان قد تكون ناتجة عن تغيرات مناخية طبيعية أو انعكاسات لاضطرابات جوية عابرة، مؤكدين أن غياب السياق العلمي الدقيق في مثل هذه التصريحات يفتح الباب أمام الشائعات ونظريات المؤامرة، خاصة مع تنامي استخدام منصات التواصل كوسيلة لبث الذعر أحيانًا.
في هذا السياق، قال الدكتور حسام طه، أستاذ الجيولوجيا البحرية بجامعة الإسكندرية، إن مثل هذه الادعاءات يجب التعامل معها بحذر. وأضاف: “صحيح أن البحار تُصدر إشارات قبل حدوث تغيّرات كبيرة، لكن من الخطأ بناء تصورات كارثية على مجرد مشاهدات شخصية دون تحليل علمي ومعطيات دقيقة من الأقمار الصناعية أو الرصد الأرضي.”
ومع ذلك، لم يمنع ذلك الجمهور من تداول نظريات مختلفة، منها احتمال وقوع تسونامي، أو تحركات زلزالية في قاع البحر، أو حتى نشاط غير معروف مرتبط بتجارب عسكرية أو بيئية، رغم غياب أي دليل علمي يؤكد هذه التوقعات حتى الآن.
ويستمر الجدل على المنصات، حيث يطالب البعض بفتح تحقيق أو إصدار توضيحات رسمية من السلطات البحرية والمراكز المتخصصة، تجنبًا لتضخيم الخوف لدى سكان المناطق الساحلية، لا سيما في ظل ما تعانيه المنطقة من اضطرابات بيئية واقتصادية وسياسية متداخلة.
وفي الوقت الذي لا تزال فيه المقاطع تنتشر على نطاق واسع، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ما رآه القبطان المصري بالفعل مؤشر على كارثة وشيكة؟ أم أنه مجرد حالة نادرة من الهلع المرتبط بالتقلبات الطبيعية للبحار؟