
استئناف محطات مياة رئيسية في الخرطوم
أعلن مدير عام هيئة مياه ولاية الخرطوم، المهندس محمد علي العجب، بدء التشغيل التجريبي لعدد من محطات المياه الرئيسية في العاصمة، ضمن جهود استعادة الخدمات الأساسية بعد فترة طويلة من الانقطاع والتراجع في الإمداد، نتيجة الحرب الدائرة منذ أبريل 2023 وتداعياتها المباشرة على البنية التحتية.
وأوضح العجب، خلال مشاركته في اجتماع لجنة طوارئ ولاية الخرطوم المنعقد أمس، أن المحطات التي دخلت حيز التشغيل التجريبي تشمل محطة مياه بحري، محطة جبل أولياء، محطة بيت المال، محطة المقرن، ومحطة الشجرة، مؤكدًا أن عودة هذه المحطات للعمل سيسهم بشكل مباشر في تحسين الإمداد المائي في مناطق واسعة من العاصمة، خصوصًا الأحياء التي عانت خلال الأشهر الماضية من انعدام شبه تام للمياه.
وأشار المدير العام إلى أن استقرار التيار الكهربائي خلال الأيام الأخيرة لعب دورًا حاسمًا في إنجاح عمليات التشغيل التجريبي، مؤكدًا أن الهيئة كانت قد أعدّت خطة طوارئ فنية لتأهيل وتشغيل المحطات تدريجيًا فور توفر الظروف المناسبة، خاصة من حيث الطاقة والموارد البشرية.
وأضاف العجب أن الفرق الفنية والكوادر العاملة في الهيئة تمكنت، رغم التحديات الأمنية واللوجستية، من إعادة تشغيل أنظمة الضخ والتحكم، وإصلاح الأعطال في خطوط الأنابيب المتضررة، معربًا عن شكره للمهندسين والعاملين الذين واصلوا الليل بالنهار من أجل إيصال المياه للمواطنين في ظل ظروف بالغة التعقيد.
ويُعد هذا التطور بمثابة انفراجة كبرى للأهالي في ولاية الخرطوم، حيث شكّلت أزمة المياه واحدة من أشد الأزمات الحياتية التي واجهها السكان منذ اندلاع النزاع المسلح، إذ تسببت الأعطال المستمرة، وتوقف التيار الكهربائي، في تعطل عشرات المحطات وحرمان أحياء بأكملها من المياه لفترات طويلة.
وشدد العجب على أن تشغيل هذه المحطات هو مرحلة أولى ضمن خطة أشمل تهدف إلى استعادة الخدمات المائية في كافة المحليات، مشيرًا إلى أن الهيئة تعمل على تأهيل الشبكات الداخلية، وصيانة محطات الضخ الفرعية، بالتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين، لإعادة الإمداد إلى وضعه الطبيعي خلال الأسابيع المقبلة.
من جانبها، ثمّنت لجنة الطوارئ بالولاية الجهود التي تبذلها هيئة المياه، واعتبرتها نقطة تحول إيجابية في مسار استعادة الخدمات، داعية المواطنين إلى ترشيد استهلاك المياه وعدم الإسراف، لا سيما في هذه المرحلة التي تتطلب تكاتف الجميع.
وقد حذرت الهيئة من الربط العشوائي والتعدي على الشبكات، داعية سكان الولاية إلى التعاون والإبلاغ عن أي تسربات أو أعطال فور رصدها، لضمان استمرارية الخدمة ووصولها بشكل عادل ومنتظم لكافة الأحياء.
وفي الوقت ذاته، أكد مواطنون من مناطق متفرقة في أم درمان والخرطوم بحري أن تحسنًا ملموسًا في ضخ المياه بدأ يظهر منذ مساء أمس، حيث عادت المياه للحنفيات بعد انقطاع استمر لأسابيع في بعض الأحياء، معربين عن أملهم في أن تستمر جهود الهيئة لحل المشكلة بشكل جذري.
ويُذكر أن الخرطوم، وهي العاصمة السودانية الأكبر من حيث عدد السكان، تعتمد بشكل كبير على محطات نهرية في سحب وتنقية المياه من النيل، ما يجعلها عرضة للتأثر بأي اضطرابات في البنية التحتية أو التيار الكهربائي، فضلًا عن حاجة شبكة الأنابيب فيها إلى تجديد وصيانة شاملة بعد عقود من التهالك.
ويأمل الخبراء أن تسهم هذه الخطوة في تخفيف الضغط على المواطنين، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، وزيادة الاعتماد على المياه في ظل استمرار انقطاع خدمات أخرى مثل الكهرباء والنقل.
وتبقى التحديات قائمة أمام الهيئة في ظل الوضع الأمني غير المستقر وغياب التمويل الكافي، إلا أن هذه المبادرة الجادة لإعادة تشغيل المحطات تُعد بارقة أمل تعيد الأمل في عودة الحياة تدريجيًا إلى العاصمة السودانية.