عودة مرتقبة إلي جامعة الخرطوم

 

عودة مرتقبة إلي جامعة الخرطوم

 

في خطوة نحو إعادة الحياة إلى المؤسسات التعليمية بالعاصمة السودانية، التقى والي ولاية الخرطوم أحمد عثمان حمزة، يوم السبت، بمدير جامعة الخرطوم البروفسور عماد الدين عرديب، لبحث سبل استئناف العمل الأكاديمي والإداري بالجامعة، بعد فترة طويلة من التوقف جراء الحرب المندلعة منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

 

وأكد الطرفان خلال اللقاء أهمية إعادة تأهيل مرافق الجامعة، التي تعرضت لدمار واسع نتيجة العمليات العسكرية، والانتهاكات المتكررة التي طالت حرمتها الأكاديمية، في ظل غياب الأمن لفترات طويلة من عمر الصراع المسلح الذي اجتاح العاصمة، وتسبب في توقف مؤسسات الدولة.

 

ووفقًا لما أورده المكتب الإعلامي للولاية، ناقش الاجتماع خطة متكاملة لإعادة تشغيل الجامعة تدريجيًا، بما يشمل تهيئة بيئة آمنة للدراسة والبحث، وتأهيل الكليات والمعامل والسكنات الجامعية التي تضررت، بالتنسيق بين حكومة الولاية وإدارة الجامعة، والشركاء الداعمين من داخل وخارج السودان.

 

وشدد والي الخرطوم على أن جامعة الخرطوم تمثل رمزًا وطنيًا وتاريخيًا لا يمكن أن تغيب عن الساحة العلمية والتعليمية، مؤكدًا التزام حكومته بتوفير كل ما يلزم لتسريع عودتها، سواء من ناحية الدعم الفني أو توفير الحماية الأمنية اللازمة.

 

من جانبه، استعرض البروفيسور عماد الدين عرديب حجم الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للجامعة، سواء في مقرها الرئيسي أو في كلياتها المنتشرة بعدد من مناطق العاصمة، مشيرًا إلى أن الكثير من المعدات والوثائق تعرضت للتلف أو النهب، ما يتطلب جهودًا استثنائية لإعادة الأمور إلى نصابها.

 

وأشار إلى أن إدارة الجامعة بدأت بالفعل في إعداد تقارير فنية وهندسية لحصر الخسائر ووضع الأولويات العاجلة لمرحلة الترميم الأولى، داعيًا إلى تضافر جهود الدولة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والجامعات الشقيقة لدعم هذا المشروع الوطني.

 

وتُعد جامعة الخرطوم، التي تأسست في عام 1902، أعرق مؤسسات التعليم العالي في السودان، وهي منارة أكاديمية خرّجت أجيالًا من الكفاءات الوطنية في مختلف التخصصات، وكانت تمثل قلب الحركة العلمية والثقافية في البلاد قبل أن تطالها نيران الحرب.

 

ومنذ اندلاع النزاع، تحولت كثير من مرافق الجامعة إلى مواقع متضررة أو مهجورة، وأُجبر معظم طلابها وأساتذتها على النزوح أو التوقف عن العمل، في واحدة من أكبر انتكاسات قطاع التعليم العالي في تاريخ السودان الحديث.

 

ودعت إدارة الجامعة، في وقت سابق، إلى ضرورة توفير تمويل دولي ومحلي لدعم عملية إعادة التأهيل، لا سيما أن الكثير من الأجهزة والمخابر البحثية كانت تعتمد على تمويل خارجي، وأن العودة تتطلب استئناف الشراكات الأكاديمية والإدارية التي جُمّدت بسبب الحرب.

 

وأكد الوالي أن عملية استئناف الدراسة بجامعة الخرطوم تمثل أولوية ضمن خطة الطوارئ لإعادة الخدمات بالولاية، مشيرًا إلى أن المؤسسات التعليمية ستكون في طليعة ما يتم تأهيله بالتنسيق مع الجهات المختصة، في محاولة لإعادة الأمل للشباب والمجتمع بعد أشهر من الحرب والتوقف القسري.

 

وتأتي هذه التطورات في ظل إشارات متزايدة من حكومة الولاية ووزارات اتحادية بشأن العودة التدريجية للحياة إلى العاصمة الخرطوم، رغم استمرار المعارك في بعض الجيوب، مما يعكس سعيًا لإعادة النظام المدني والخدمات إلى المؤسسات الاستراتيجية.

 

ويرى مراقبون أن عودة جامعة الخرطوم للعمل ستكون علامة فارقة في طريق تعافي البلاد، ليس فقط على المستوى التعليمي، بل كإشارة رمزية تعكس إرادة الاستمرار رغم التحديات، واستعادة الدولة لعافيتها تدريجيًا.