
📌 من الذي صمم العملة السودانية؟
✍️ بقلم: الشابي
في أحد أيام عام 1996م، رنّ هاتفي على غير العادة…
كان المتصل العم يس أحمد النور – المدير التجاري آنذاك – بصوته الجاد وابتسامته الدافئة المعتادة، قال لي:
> “تعال بسرعة المكتب عندي ليك خبر بفرّح قلبك.”
وصلت إلى مكتبه، وإذا به يبارك لي ويقول:
> “مبروك يا شابي، تم اعتماد تصميمك للعملة المعدنية من قبل مجلس الوزراء وبنك السودان… الفئات الجديدة ح تشيل بصمتك، وشركتنا فخورة بيك، واسمك ح يتضاف في لوحة الشرف.”
كانت تلك اللحظة بداية فصل عظيم من رحلتي الفنية، فقد أوكل إليّ شرف تصميم العملة المعدنية السودانية بفئة عشرة دنانير، التي ترونها في الصورة أعلاه.
💠 خمسة أيام فقط كانت كافية لإنجاز التصميم، كنت آخذه إلى البيت، أجلس الليل كله أراجع التفاصيل، أصحح، أظلل، وأدقق…
النقطة الصغيرة كانت تعني لي الكثير، فهذه ليست مجرد رسمة، بل رمز لوطن سيحمله الملايين في جيوبهم.
—
في 2005م، ومع توقيع اتفاقية نيفاشا للسلام، تم التحول من الدينار إلى الجنيه، وكان ذلك أحد بنود الاتفاقية،
مرة أخرى، نادوني، وطلبوا مني تصميم فئة الجنيه الجديد… وكنت فخورًا بأن أكون جزءًا من هذا التحول الوطني المهم.
هذا التصميم كان آخر عمل رسمي لي في الشركة.
—
لكن، كما هي الحياة، ليست كلها لحظات فخر…
في سبتمبر 2009م، تم تجريدي من منصبي، أُوقفت مهامي، صرت أذهب للشركة يوميًا دون مسؤوليات، أركب الترحيل، أجلس في مكتبي… أراجع القرآن الكريم، أتأمل في كتب الفقه، خاصة “نيل الأوطار”،
ومع نهاية العام، وصلتني إقالة للصالح العام…
رجعت إلى البيت، أعطيت الخطاب لزوجتي،
نظرت إليّ، ثم قالت بثباتٍ عجيب:
> “الحمد لله على ما أراد الله… لا تحزن، الله معنا.” 😥
مرت علينا ستة أشهر كاملة نعيش على وجبة “فتة موية فول”…
أطفالي بدأت تظهر عليهم علامات الهزال، والضيق، والحزن…
لكن الحمد لله، بعد كل صبر، جاء فرج الله، وعدت مرة أخرى للعمل في السعودية.
—
وأشهد الله، أنني لم أقصر يومًا في عملي،
ثلاث عشرة سنة ونصف، كنت أبدأ يومي في الشركة الساعة 7 صباحًا،
وغالبًا ما أبقى حتى المغرب دون مقابل أوفر تايم، فقط محبةً في الشركة، وحرصًا على المال العام.
بل كنت في بعض الأوقات أشتري أدوات العمل من جيبي الخاص… ولم أخبر أحدًا.
لكن للأسف، بعض الكيزان ضاقوا بي ذرعًا…
كرهوا صدقي، لأني كنت أقول الحق، وأدافع عن أموال الشركة.
—
🎙️ أواصل إن شاء الله نشر المزيد من ذكرياتي القديمة،
ليس من باب الفخر، بل لتكون عبرة للأجيال القادمة… أن الوفاء لا يُقابل دائمًا بالوفاء،
لكنّ الأجر عند الله أعظم من أي وسام.