
من بورتسودان… رسائل دافئة تُعزّز جسور الدوحة
أكد رئيس الوزراء السوداني الدكتور كامل إدريس حرص السودان على المضي قُدُمًا نحو تعزيز علاقاته مع دولة قطر، مشددًا على أهمية بناء شراكات استراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات. جاء ذلك خلال لقائه اليوم بمدينة بورتسودان مع السفير القطري لدى السودان، محمد بن إبراهيم السادة، في لقاء وُصف بأنه امتداد لتاريخ من التعاون والتفاهم بين الخرطوم والدوحة.
وأعرب رئيس الوزراء خلال اللقاء عن تقدير السودان العميق لمواقف دولة قطر الداعمة للسودان على مدار السنوات، خاصة خلال الفترات الحرجة التي مرّ بها البلد، سواء من خلال الدعم الاقتصادي والإنساني، أو المواقف الدبلوماسية التي عكست التزام الدوحة بأمن واستقرار السودان.
وأشار إدريس إلى أن الحكومة السودانية تولي أهمية قصوى لتطوير علاقاتها الخارجية على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مؤكدًا أن العلاقة مع قطر تمثل نموذجًا متقدمًا لهذه الرؤية، لما تحمله من روافد تاريخية وروابط ثقافية وشعبية بين الشعبين الشقيقين.
وتناول اللقاء جملة من القضايا المتعلقة بالتعاون الثنائي، من أبرزها سبل تطوير التعاون السياسي والدبلوماسي في المحافل الدولية، إلى جانب توسيع آفاق الاستثمار القطري في السودان، خصوصًا في قطاعات الزراعة، البنية التحتية، والطاقة، التي تمثل مجالات حيوية في خطة التعافي الاقتصادي السوداني.
كما ناقش الطرفان آفاق التعاون الاجتماعي والثقافي والإعلامي، عبر برامج تبادل وشراكات مؤسسية، إلى جانب دعم قطر المتواصل في قطاع التعليم والصحة من خلال منظماتها الإنسانية والخيرية.
ومن جانبه، نقل السفير القطري محمد بن إبراهيم السادة تحيّات القيادة القطرية إلى الحكومة السودانية، مؤكدًا أن قطر ستواصل دعمها للسودان في مختلف المسارات، وأنها تنظر بعين التقدير إلى صمود الشعب السوداني وسعيه نحو الاستقرار والتنمية، رغم التحديات.
وشدد السفير على رغبة بلاده في تعزيز مجالات التعاون الاقتصادي، لاسيما عبر المشاريع القطرية القائمة في السودان، وإيجاد مناخ ملائم لتوسيعها، بما يخدم البلدين ويعزز التنمية المشتركة.
وفي ختام اللقاء، ثمّن رئيس الوزراء دور قطر المحوري في المنطقة، ومساهماتها الفعالة في عدد من المبادرات الإنسانية والتنموية، مؤكدًا استعداد السودان لتطوير أطر التنسيق السياسي والتشاور الاستراتيجي مع الدوحة خلال المرحلة المقبلة.
ويُعد هذا اللقاء بين رئيس الوزراء والسفير القطري خطوة مهمة في سياق تفعيل الدبلوماسية الثنائية التي تأثرت جزئيًا بالأوضاع الداخلية في السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، وتُمثّل أيضًا بادرة نحو إعادة السودان إلى واجهة التعاون الإقليمي والدولي.
ويرى مراقبون أن العلاقات السودانية القطرية تشهد تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، خاصة في ظل اهتمام الدوحة بإعادة الإعمار والاستثمار في القطاعات المنتجة، ودعمها للبرامج الإنسانية في المناطق المتأثرة بالنزاعات.
ومن المتوقع أن تُعقَد في الفترة المقبلة اجتماعات تنسيقية بين مسؤولي البلدين لتفعيل المذكرات السابقة، وفتح قنوات جديدة للتعاون، خاصة في ظل توجه السودان نحو تعميق علاقاته الخليجية والعربية كجزء من استراتيجيته الدبلوماسية بعد الحرب.
وتشير التقارير إلى أن قطر من أكبر المستثمرين العرب في السودان، خاصة في مجال الزراعة والسياحة والضيافة، حيث تدير شركات قطرية كبرى مشاريع زراعية في ولايات الجزيرة والنيل الأزرق، إلى جانب دعم مشاريع بنية تحتية وخدمية.
ويُنتظر أن يُفضي هذا الحراك الدبلوماسي إلى نتائج ملموسة تخدم مسار الاستقرار الاقتصادي والسياسي في السودان، وتدفع بالتكامل العربي في اتجاه أكثر فاعلية، في وقت يحتاج فيه السودان إلى شركاء دوليين وإقليميين يساندون خطواته نحو التعافي والنمو.