
أول عملية فتح الصدر بالمنشار الكهرباء في السودان
شهد مستشفى الشرطة بمدينة عطبرة، شمالي السودان، إنجازًا طبيًا نوعيًا هو الأول من نوعه في المنطقة، بعد نجاح عملية جراحية معقدة لفتح الصدر باستخدام المنشار الكهربائي، أُجريت لمريض كان يعاني من غدة درقية ممتدة إلى داخل التجويف الصدري، وهي حالة طبية نادرة ومعقدة تتطلب دقة عالية ومهارة جراحية فائقة.
وتمكّن الفريق الطبي بالمستشفى، بقيادة استشاريي الجراحة العامة والتخدير، من إجراء العملية بنجاح كامل دون تسجيل أي مضاعفات، في إنجاز يُعتبر الأول من نوعه على مستوى المستشفيات الحكومية خارج العاصمة، ويؤكد على تطور الإمكانيات الجراحية المتقدمة في الولايات.
وأوضح الفريق الطبي في بيان صادر عن المستشفى أن المريض كان يعاني من تورم في الرقبة وصعوبات في التنفس، تبين بعد الفحوصات والصور الشعاعية أنه نتيجة لغدة درقية هابطة إلى التجويف الصدري، مما شكل ضغطًا كبيرًا على القصبة الهوائية والأوعية الدموية.
ونظرًا إلى تعقيد الحالة وعدم إمكانية استئصال الغدة من الرقبة فقط، قرر الفريق الطبي اللجوء إلى فتح الصدر باستخدام المنشار الكهربائي الطبي، وهي تقنية دقيقة تُستخدم في عمليات القلب والصدر الكبرى، وتتطلب تجهيزات متقدمة وفريقًا متخصصًا في العناية المكثفة والتخدير.
وأكد الفريق أن العملية استغرقت عدة ساعات، وتكللت بالنجاح الكامل، حيث تم استئصال الغدة بالكامل دون المساس بالأنسجة المجاورة، كما تمت السيطرة على النزيف وإغلاق الصدر بنجاح، قبل نقل المريض إلى غرفة العناية المكثفة لمراقبة وضعه الصحي، الذي وُصف بالمستقر.
وأشاد مدير مستشفى الشرطة بعطبرة بالجهود الكبيرة التي بذلها الطاقم الطبي، واعتبر أن هذا الإنجاز يمثل نقلة نوعية في مستوى الخدمات الصحية المتاحة للمواطنين في ولاية نهر النيل، مشيرًا إلى أن المستشفى يسعى لتوفير أعلى مستويات الرعاية الجراحية المتقدمة، رغم التحديات اللوجستية التي فرضتها الأوضاع العامة في البلاد.
من جانبهم، عبّر ذوو المريض عن بالغ شكرهم وتقديرهم للطواقم الطبية، مؤكدين أن إنقاذ حياة قريبهم في ظروف صحية وأمنية معقدة هو دليل على أن القطاع الصحي في السودان لا يزال قادرًا على العطاء رغم الحرب والانهيار في أجزاء واسعة من النظام الصحي.
وقد لاقى الإعلان عن نجاح العملية صدى واسعًا في الأوساط الطبية والمجتمعية، حيث اعتبر مختصون أن استخدام المنشار الكهربائي في مثل هذه الجراحات يُعد مؤشرًا على تطور الكفاءات السودانية، وتوفر الخبرات التي كانت تُحصر سابقًا في مراكز طبية كبرى بالخرطوم.
يُذكر أن عمليات استئصال الغدة الدرقية الممتدة إلى داخل الصدر تُصنّف ضمن العمليات النادرة والخطرة، لما تحمله من تحديات تتعلق بموقع الغدة وقربها من القلب والرئتين والأوعية الكبرى، ما يتطلب تجهيزات خاصة وطاقمًا مؤهلاً في التخدير والعناية الفائقة.
ويأمل الكادر الطبي في مستشفى الشرطة بعطبرة أن يفتح هذا الإنجاز الباب أمام إجراء المزيد من العمليات الكبرى داخل الولايات، دون الحاجة إلى تحويل المرضى إلى العاصمة، ما يوفر الوقت والتكلفة ويقلل من معاناة المرضى وأسرهم، خاصة في ظل الصعوبات الكبيرة في التنقل داخل السودان.
وفي الوقت الذي يشهد فيه السودان تدهورًا في البنية التحتية الطبية بفعل الحرب، يُعتبر هذا الإنجاز بارقة أمل في صمود المرافق الصحية وقدرتها على الاستمرار، بفضل الكفاءات الوطنية التي تواصل العمل في ظروف صعبة لخدمة المرضى وإنقاذ الأرواح.