
نبض يعود من بورتسودان… وعين أمدرمان تُضيء مجددًا
في خطوة نوعية تعكس استمرار جهود إعادة تأهيل القطاع الصحي المتضرر في السودان، تم تدشين مشروع إعادة تأهيل مستشفى أم درمان التعليمي، أحد أكبر وأعرق المستشفيات الحكومية في البلاد، وذلك ضمن المرحلة الثانية من خطة تطوير سبعة مستشفيات حكومية في خمس ولايات سودانية، بتمويل سخي من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
وجرت مراسم التدشين الرسمية يوم الخميس، بمقر السفارة السعودية في مدينة بورتسودان، بحضور ممثل وكيل وزارة الصحة الاتحادية الدكتور عصمت مصطفى، وسفير المملكة العربية السعودية لدى السودان، إلى جانب عدد من الشخصيات الرسمية وممثلي المنظمات الدولية والقطاع الصحي.
وأكد الدكتور عصمت، في كلمته خلال التدشين، أن المشروع يمثل نقلة نوعية في جهود إعادة بناء النظام الصحي الوطني، الذي تضرر بشكل بالغ نتيجة الحرب الدائرة في البلاد، خصوصًا بسبب ما وصفه بـ”الاعتداءات الواسعة التي طالت المؤسسات الصحية من قبل مليشيات الدعم السريع”. وشكر حكومة المملكة العربية السعودية وقيادتها، مشيدًا بدورها الإنساني الكبير، وخاصة عبر مركز الملك سلمان الذي ظل يقدم دعمًا مستمرًا في أحلك ظروف السودان.
وأشار إلى أن المشروع يأتي تماشيًا مع خطط وزارة الصحة الاتحادية لإعادة تأهيل المؤسسات الصحية، وتوفير بيئة ملائمة للكوادر الطبية، إلى جانب رفع كفاءة الخدمات التشخيصية والعلاجية المقدمة للمواطنين، من خلال بنية تحتية طبية متماسكة وكوادر صحية مؤهلة.
ويشمل الدعم المقدم لمستشفى أم درمان توفير مولد كهربائي ضخم بقدرة 700,000 كيلو واط بلغت قيمته 146,000 دولار أمريكي، إضافة إلى أجهزة طبية متطورة للأقسام الحيوية مثل الطوارئ والعناية المكثفة والعمليات، ما أسهم بشكل مباشر في استقرار التيار الكهربائي واستئناف الخدمة الصحية في المستشفى الذي توقف عن العمل بعد تدمير بنيته التحتية خلال الحرب.
من جهته، عبّر المستشار أحمد الزين، ممثل مستشارية مجلس السيادة لشؤون المنظمات الدولية والعمل الإنساني، عن امتنانه العميق لحكومة المملكة، مشيدًا بالدور الريادي الذي يضطلع به مركز الملك سلمان في دعم مختلف قطاعات العمل الإنساني والصحي في السودان، في وقت تشهد فيه البلاد أوضاعًا استثنائية.
كما أكد السفير السعودي خلال المناسبة أن هذا الدعم يُعد الأول من نوعه لمستشفى أم درمان، مشيرًا إلى أن المولد الكهربائي الذي تم توفيره ساهم في استقرار الخدمة الصحية وساعد على تفعيل عدد من الأقسام الحيوية بالمستشفى. وأوضح أن المملكة ستواصل دعمها للشعب السوداني في مختلف المجالات، منوهًا بالتعاون المثمر الذي أبدته الحكومة السودانية في تسهيل الإجراءات اللازمة لتنفيذ المشروع.
وفي السياق ذاته، أعرب الدكتور عبد المنعم علي، مدير مستشفى أم درمان، عن امتنانه الكبير للدعم السعودي، مؤكدًا أن المستشفى تعرض لتدمير شبه كامل في بنيته التحتية، ما أدى إلى توقف الخدمات بشكل كامل، قبل أن تُعيد هذه المبادرة الروح إلى المؤسسة الصحية التي كانت تخدم آلاف المواطنين يوميًا.
وأوضح أن تشغيل المولد الجديد مكّن المستشفى من إجراء أكثر من 300 عملية جراحية خلال الأسابيع الماضية، مما يُعد مؤشرًا قويًا على عودة الخدمات تدريجيًا. ودعا إلى استمرار هذا النوع من الدعم الموجه، لتعزيز استقرار المؤسسات الصحية وبناء منظومة علاجية قادرة على مواجهة التحديات الحالية.
ويُعد هذا المشروع جزءًا من رؤية إنسانية شاملة ينفذها مركز الملك سلمان في السودان، حيث سبق أن موّل العديد من المبادرات الصحية والغذائية والتعليمية في مختلف الولايات، تأكيدًا لعمق العلاقات بين الشعبين السوداني والسعودي، وحرص المملكة على دعم السودان في محنته الإنسانية.
يُذكر أن مستشفى أم درمان التعليمي يُعتبر من أكبر المستشفيات المرجعية في السودان، وكان قبل الحرب يخدم عشرات الآلاف من المواطنين سنويًا، ما يجعل عملية إعادة تأهيله خطوة محورية في مسيرة استعادة النظام الصحي الوطني الذي لا يزال يئن تحت وطأة الدمار.